شاركت غرفة البحرين لتسوية المنازعات برعاية الاجتماع العالمي الثاني لجمعيّات القانون الدولي الذي نظَّمته الجمعيّة الفرنسيّة للقانون الدولي، والذي عُقِد في أكاديمية لاهاي للقانون الدولي في الثاني والثالث من سبتمبر (أيلول) 2019. تضمّن الاجتماع الذي عُقِدَ تحت عنوان "التحدّيات الراهنة في القانون الدولي: دور الجمعيّات في القانون الدولي" خمس جلسات نقاش عامة وإثني عشر حلقة نقاش مُصغّرة لتحفيز المناظرات والحوار بين جمعيّات القانون الدولي والفروع الوطنية لرابطة القانون الدولي حول مُختلف المسائل التي تُواجه القانون الدولي في وقتنا الحالي.
للاِطِّلاع على البرنامج الكامل للاجتماع، الرجاء الضغط هنا.
وتحدّث الرئيس التنفيذي لغرفة البحرين لتسوية المنازعات البروفسور نسيب زيادة في جلسة النقاش العامة التي اختتمت اليوم الأول من الاجتماع. وسلّطت جلسة النقاش هذه والتي أدارتها نائبة رئيس محكمة العدل الدولية القاضية هانكن إكزو الضوء على موضوع التسوية السلميّة للمنازعات الدوليّة، مُستعرضِةً الوسائل المتاحة لتسوية المنازعات والأسئلة التي يُثيرها وجود مختلف هذه الوسائل. وشارك إلى جانب البروفسور زيادة في النقاش كل من أمين سجل محكمة العدل الدولية السيد فيليب غوتييه، ومديرة معهد ماكس بلانك لوكسمبورغ للقانون الإجرائي البروفسورة هيلين رويز فابري، بالإضافة إلى المحامي الأستاذ بين جوراتوفيتش الشريك في "فريشفيلدز بروكهاوس ديرينجر Freshfields Bruckhaus Deringer".
وفي حديثه حول موضوع "سوق قانون الاستثمار: المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار "إكسيد" ومراكز التحكيم الإقليمية: منافسة أو تكامل؟" أشار البروفسور زيادة إلى ميزة وهيمنة نظام المركز الدولي لتسوية المنازعات "إكسيد"، والذي تكمن قوّته خصوصًا في وجوب اعتراف كل دولة عضو في اتفاقيّة "إكسيد" بإلزاميّة القرارات التحكيميّة الصادرة عن هيئات تحكيمية مُشّكلّة ضمن إطار المركز الدولي لتسوية المنازعات "إكسيد" وتنفيذها كأنّها حكم نهائي أصدرته محكمة من تلك الدولة.
وبالاستناد إلى إحصاءات من مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، لفت البروفسور زيادة إلى وجود توجُّه متزايد للاعتماد على مراكز تحكيم أخرى لتسوية المنازعات الاستثمارية غير المركز الدولي لتسوية المنازعات "إكسيد". وأضاف البروفسور زيادة إنّ هذه المؤشّرات التنافسيّة المُبكِرة لم تكن من مراكز تحكيم إقليمية بل من مراكز تحكيم ذات انتشار عالمي مثل المحكمة الدائمة للتحكيم (PCA)، ومركز التحكيم التابع لغرفة ستوكهولم للتجارة (SCC)، والمحكمة الدولية للتحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية (ICC). وبالنسبة للبروفسور زيادة، لم يكن ذلك مفاجئًا إذ أن اتفاقيات الاستثمار، بما فيها تلك الموقّعة بين الدول الناشئة، تُشير بشكل شبه حصري إلى مراكز التحكيم في الغرب. وأشار البروفسور زيادة إلى مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي باعتباره أحد الاستثناءات في هذا المجال، حيث أنه مُدرج كأحد الحلول المتاحة أمام الطرف المتضرّر في بعض اتفاقيات الاستثمار المُبرمة من قبل جمهورية مصر العربية وكذلك بين بعض دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ولفت البروفسور زيادة إلى أنّ أحد المجالات التي يُمكن فيه لمراكز التحكيم الإقليميّة استقطاب قضايا الاستثمار هو مجال إدارة التحكيم الحرّ (ad hoc) الملحوظ في اتفاقيات الاستثمار الإقليمية. وأعطى البروفسور زيادة مثلين عن اتفاقيات استثمار إقليمية تلحظ إمكانية اللجوء إلى التحكيم الحرّ (ad hoc)، وهما الاتفاقيّة الموحّدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية في الدول العربية لعام 1980، والاتفاقيّة لتشجيع وحماية وضمان الاستثمارات بين الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي لعام 1981، مضيفًا أن هذه الأدوات توفّر فرصة حقيقيّة لمراكز التحكيم الإقليمية لجذب نزاعات التحكيم في مجال الاستثمار.
إلاّ أن البروفسور زيادة شدّد على ضرورة عمل مراكز التحكيم الإقليمية وفق المعايير الدوليّة إذا أرادت جذب المنازعات الاستثماريّة، حيث يجب عليها أولًا اعتماد قواعد تحكيم عصريّة، ومن ثمّ توظيف موظّفين مؤهّلين والاحتفاظ بقائمة متنوّعة من المحكّمين ذوي الخبرة. وختم البروفسور زيادة أنّه بالإضافة إلى ذلك، فإنه يجب على الدول حيث تتواجد مراكز التحكيم الإقليمية خلق الظروف الملائمة التي تسمح بنمو وازدهار التحكيم الدولي من خلال اعتماد قوانين تحكيم ليبراليّة، ومنح حصانة كافية للمحكّمين وأن تكون محاكمها مُساندة للتحكيم.
ألقى البروفسور زيادة كلمته باللغة الفرنسيّة ويمكن قراءتها كاملة هنا.
واختُتِم الاجتماع بكلمة من سعادة ماريا فيرناندا إسبينوسا، رئيس الجمعيّة العامة للامم المتحدة، وصدور إعلان مشترك من جمعيّات القانون الدولي يؤكّد على الدور الهام الذي تلعبه هذه الجمعيّات في مواكبة التطويرات اللازمة في القانون الدولي وترقّبها والترويج لها.