نظّمت غرفة البحرين لتسوية المنازعات في 14 أكتوبر 2018 مأدبة غداء جمعت كبار رجال الأعمال والقانونيّين في "كابيتال كلوب" في مرفأ البحرين المالي. وحظيت الفعّاليّة بدعمٍ من وزارة الصناعة والتجارة والسياحة في مملكة البحرين ومصرف البحرين المركزي وغرفة تجارة وصناعة البحرين. حضر المأدبة أكثر من 80 ضيفًا من أهم المؤسّسات الماليّة وشركات المقاولات والعقار، والشركات الاستثماريّة ومكاتب المحاماة المحليّة والدوليّة بالإضافة إلى عددٍ من السفراء وممثّلي الحكومات في البحرين.
شملت قائمة المتحدّثين خلال مأدبة الغداء كلًّا من الشيخة هيا بنت راشد آل خليفة، رئيسة مجلس أمناء غرفة البحرين لتسوية المنازعات، والبروفسور نسيب زيادة، الرئيس التنفيذي لغرفة البحرين لتسوية المنازعات، وإنديا جونسون، الرئيس والرئيس التنفيذي لجمعيّة التحكيم الأميركيّة، وأدريان وينستانلي، المدير العام السابق لمحكمة لندن للتحكيم الدولي.
كما وشملت قائمة كبار الضيوف كلًّا من:
- الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة، وكيل وزارة الخارجيّة للشؤون الدوليّة في مملكة البحرين
- سعادة جاستين سيبيريل، سفير الولايات المتّحدة الأميركيّة لدى مملكة البحرين
- سعادة سيسيل لونجيه، سفيرة الجمهوريّة الفرنسيّة لدى مملكة البحرين
- سعادة أنور حبيب الله، سفير جمهوريّة الصين الشعبيّة لدى مملكة البحرين
- محمد إسماعيل، رئيس قسم التجارة والاستثمار في سفارة المملكة المتّحدة لبريطانيا العظمى وإيرلندا الشماليّة لدى مملكة البحرين
- خالد حمد، المدير التنفيذي للرقابة المصرفيّة في مصرف البحرين المركزي
- حسّان جرار، الرئيس التنفيذي لبنك البحرين الإسلامي
- عبد الحكيم الشمّري، نائب رئيس غرفة تجارة وصناعة البحرين
- شاكر الشتر، الرئيس التنفيذي لغرفة تجارة وصناعة البحرين
- قيس حاتم الزعبي، رئيس غرفة التجارة الأميركيّة في البحرين
- جواد الحواج، نائب رئيس مجلس إدارة الجمعيّة البحرينيّة للشركات العائليّة
- علي مرهون، مدير إدارة رقابة الشركات في وزارة الصناعة والتجارة والسياحة بالبحرين
وبعد الكلمة الترحيبيّة التي ألقتها الشيخة هيا آل خليفة، تحدّث البروفسور نسيب زيادة أمام الضيوف عن آخر الأخبار والتطوّرات المتعلّقة بغرفة البحرين لتسوية المنازعات، حيث بدأ حديثه بمقدّمة عن غرفة البحرين لتسوية المنازعات التي بدأت بممارسة مهامها منذ عام 2010 باعتبارها مركزًا إقليميًّا لتسوية المنازعات وبالشراكة مع جمعيّة التحكيم الأميركيّة. وأضاف زيادة قائلًا: "تُوفّر غرفة البحرين لتسوية المنازعات لجميع الجهات الحكوميّة والتجاريّة المتعاقدة في المنطقة حُلولًا لتسوية نزاعاتهم الاقتصاديّة والماليّة والاستثماريّة بطرق فعّالة وسريعة". ولفت زيادة إلى أنّ سكرتارية غرفة البحرين لتسوية المنازعات، التي تضمّ مدراء قضايا من المحامين المدرّبين، يُشرف عليها مجلس أمناء دولي، مشيرًا إلى أنّ الغرفة تمتلك صلاحيّات لإدارة نوعين مختلفين من النزاعات.
ويشمل النوع الأوّل الذي يُعرف بقضايا الفصل الأوّل، النزاعات التي تدخل في اختصاص محاكم مملكة البحرين، وتزيد فيها قيمة المطالبات عن 500 ألف دينار بحريني (حوالي 1.3 مليون دولار أميركي)، ويكون أحد أطرافها على الأقل مؤسّسة ماليّة مرخّصة بموجب أحكام قانون مصرف البحرين المركزي، أو أن يكون النزاع متعلّقًا بالتجارة الدوليّة. وتضمّ الهيئة القضائيّة التي تُعيّن تحت الفصل الأوّل هذا ثلاثة أعضاء (اثنان منهم من القضاة من أعلى درجات المحاكم البحرينيّة وعضو واحد معيّن من قائمة جدول الأعضاء المحايدين في غرفة البحرين لتسوية المنازعات). وتُعتبر الأحكام الصادرة من الهيئات القضائيّة المشكّلة بموجب الفصل الأوّل أحكامًا نهائيّة صادرة عن محاكم مملكة البحرين لا يُقبل الطعن عليها بالاستئناف، ولكن يُمكن الطعن عليها أمام محكمة التمييز بطلب النقض.
ونوّه زيادة إلى أنّه حتّى 30 سبتمبر 2018، نظرت غرفة البحرين لتسوية المنازعات في 225 قضيّة تحت الفصل الأوّل بإجمالي مطالبات تخطّت 3.92 مليار دولار أميركي. ومن هذه القضايا، تمّ حسم 30.2% منها في غضون ستّة أشهر، و39.6% منها خلال ستة إلى 12 شهرًا، و10.2% منها تمّ حسمها خلال 12 إلى 18 شهرًا، و6.2% منها تمّ حسمها خلال فترة 18 إلى 24 شهرًا، و3.1% بعد 24 شهرًا، في حين ما زالت هناك 10.7% من القضايا جارية.
ويشمل النوع الثاني من اختصاص الغرفة القضايا التي تُعرف باسم قضايا الفصل الثاني، وهي النزاعات التي يتّفق أطرافها كتابيًّا على اللجوء للتحكيم أو الوساطة للفصل فيها طبقًا للقواعد المتّبعة في غرفة البحرين لتسوية المنازعات. كما يُمكن لغرفة البحرين لتسوية المنازعات إدارة إجراءات تحكيم ووساطة وفق قواعد أخرى يتّفق عليها أطراف النزاع بما في ذلك قواعد "الأونسيترال" للتحكيم.
وقد اعتُمدت قواعد تحكيم غرفة البحرين لتسوية المنازعات عام 2010، وكانت في حينها وفق قواعد التحكيم الدوليّة لجمعيّة التحكيم الأميركيّة.
وفي العام 2015، سنّت مملكة البحرين تشريعًا اعتمدت بموجبه قانون "الأونسيترال" النموذجي للتحكيم التجاري الدولي وذلك في النزاعات المحليّة والدوليّة. وفي نهاية العام 2015، شكّل مجلس أمناء غرفة البحرين لتسوية المنازعات لجنة ثلاثيّة لصياغة قواعد تحكيم جديدة للغرفة ضمّت كلًّا من أنطونيو بارا وأدريان وينستانلي ونسيب زيادة. وقامت اللّجنة بصياغة مسودّة القواعد الجديدة والتي بُنيت على أساس أفضل الممارسات في مجال التحكيم.
وتمّ اعتماد قواعد التحكيم الجديدة لغرفة البحرين لتسوية المنازعات بدءاً من 1 أكتوبر 2017 وهي متوفّرة باللغات الإنجليزيّة والعربيّة والفرنسيّة وجميعها تحمل نفس الدرجة من الإعتماديّة والحجّيّة. وقد تضمّنت قواعد التحكيم الجديدة لغرفة البحرين لتسوية المنازعات تغييرات وسّعت وحسّنت الإجراءات بالإضافة لمُلحقين وهما جدول الرسوم الجديدة، وشرط التحكيم النموذجي الجديد.
وغطّت التعديلات والبنود المبتكرة الإجراءات المعجّلة وإجراءات الفصل بشكل مختصر والتكلفة بالإضافة إلى ما يلي:
- إضافة حكم إجرائي جديد يُعطي غرفة البحرين لتسوية المنازعات صلاحيّة رفض تسجيل طلب للتحكيم في حال تبيّن عدم وجود اتّفاق بين الأطراف لتقديم طلب لتسوية النزاع وفق قواعد غرفة البحرين لتسوية المنازعات (المادّة 3)؛
- إجراء معدّل لتعيين المحكَّمين بحيث ما زال يُسمح للأطراف المتنازعة بترشيح محكَّمين، ولكن يُشترط أن يتمّ تعيين المحكَّمين رسميًّا من قبل غرفة البحرين لتسوية المنازعات (المادّة 9)؛
- حكم جديد ينظّم سلوك ممثّلي الأطراف المتنازعة وذلك وفق إرشادات الاتّحاد الدولي للمحامين لتمثيل الأطراف في التحكيم الدولي (المادّة 21)؛
- حكم معدّل حول السرّيّة والذي يسمح، إذا لم يتفق الأطراف بخلاف ذلك، لغرفة البحرين لتسوية المنازعات نشر أحكام وقرارات تحكيميّة مُختارة بعد أن يتمّ تحريرها بحذف أسماء الأطراف والتفاصيل الدّالّة الأخرى (المادّة 40)؛
- حكم معدّل حول تحديد المسؤوليّة، والذي ينطبق على المحكَّمين والسكرتير والخبير في هيئة النزاع وغرفة البحرين لتسوية المنازعات بمن فيهم مسؤوليها وموظّفيها (المادّة 41).
وقد أدارت غرفة البحرين لتسوية المنازعات وحتّى الآن 10 قضايا على أساس قواعد تحكيم سنة 2010 بإجمالي مطالبات تخطّت قيمتها 221 مليون دولار أميركي. وقال زيادة: "هذا يتماشى مع تطوّر ونمو القضايا والدعاوى في أيّ مركز تحكيم جديد، حيث نتوقّع أن تُساهم القواعد الجديدة المعتمدة بتحقيق نمو ثابت في عدد دعاوى التحكيم خلال السنوات القادمة".
وأوضح زيادة للحضور أنّ غرفة البحرين لتسوية المنازعات تعتبر أنشطة التدريب والتعليم جزءًا أساسيًّا من رسالتها. ومجلّة التحكيم الدولي التي أصدرتها غرفة البحرين لتسوية المنازعات، مجلّة قانونيّة تصدر مرّتين في العام، وتتضمّن مقالات وقرارات وأحكام قضايا ومحتوى باللغتين العربيّة والإنجليزيّة، حيثُ يغطّي كلّ عدد من المجلّة موضوعًا معيّنًا يرتبط بالمنطقة العربيّة. وغطّت الأعداد السابقة من المجلّة مواضيع منها "الاعتراف بأحكام التحكيم الأجنبيّة وتنفيذها في دول الخليج العربيّة"، و"أصوات نسائيّة في التحكيم الدولي" (من جزئين، الجزء الأول والجزء الثاني)، و"التحكيم في مصر"، و"تحكيم الاستثمار الدولي في الشرق الأوسط" و"التحكيم في قطاع الإنشاءات في الشرق الأوسط". وستشمل الأعداد المقبلة من المجلّة عددًا مخصّصًا لقواعد التحكيم الجديدة لغرفة البحرين لتسوية المنازعات، وعددًا آخر حول تمويل الطرف الثالث في التحكيم الدولي. كما أطلقت غرفة البحرين لتسوية المنازعات سلسلة من الكتب والإصدارات التي تُكرّم باحثين وممارسين قانونيّين عرب كانت لهم بصمات واضحة وإسهامات بارزة في مجال التحكيم والقانون الدولييّن. ويضمّ كلّ كتاب مقالات كتبها أكاديميّون ومتخصّصون في مجالاتهم. وخُصّص الكتاب الأوّل في هذه السلسلة لتكريم أحمد القشيري، الخبير المعروف بالقانون الدولي والتحكيم. وسيُكرّم الكتاب الثاني في هذه السلسلة سمير صالح، أوّل عربي يتبوّأ منصب نائب رئيس محكمة التحكيم الدوليّة التابعة لغرفة التجارة الدوليّة.
وكشف زيادة أنّ غرفة البحرين لتسوية المنازعات تتطلّع في المستقبل القريب لمراجعة قواعد الوساطة المعتمدة في الغرفة، وإعداد مجموعة جديدة من القواعد مصمّمة خصّيصًا للتحكيم في منازعات عقود الاستثمار بين الدول والأفراد. كما تعمل الغرفة على توسيع وتطوير لائحتها من المحكَّمين لتضيف إليها محكَّمين دوليّين إضافيّين من ذوي الخبرة. وتساهم الغرفة بفعّاليّة مع مجموعات العمل التابعة "للأونسيترال" وخصوصًا حول إصلاح نظام تسوية منازعات المستثمرين والدول. وستستمرّ غرفة البحرين لتسوية المنازعات في تنظيم مؤتمرات التحكيم الدولي في البحرين، حيث ستنظّم قريبًا بالتعاون مع مركز التحكيم التابع لغرفة تجارة ستوكهولم مؤتمرًا مشتركًا حول أبرز المواضيع في تحكيم منازعات الاستثمار وذلك يوم الأحد الموافق 18 نوفمبر 2018 في فندق آرت روتانا بجزر أمواج بمملكة البحرين.
وختم زيادة بالقول بأنّه يجب على الأطراف في المنطقة التفكير جدّيًا بغرفة البحرين لتسوية المنازعات عند إضافة بند التحكيم في عقودهم، حيث توفّر الغرفة كمؤسّسة تدير قضاياهم مزايا متعدّدة للأطراف المتنازعة، منها الموقع المثالي وقدرة مدراء القضايا على إدارة إجراءات التقاضي باللغات العربيّة والإنجليزيّة والفرنسيّة. كما تشمل المزايا التي توفّرها الغرفة وجود قواعد تحكيم حديثة وجدول رسوم عادل تمّت مراجعته مؤخّرًا، في حين تمتلك مملكة البحرين بيئة تشريعيّة مساندة للتحكيم، ونظامًا قضائيًّا داعمًا له بالإضافة إلى وجود اتّفاقيّات نافذة تُسهّل تنفيذ الأحكام والقرارات التحكيميّة ومنها اتفاقيّة نيويورك لعام 1958.
قدّمت إنديا جونسون، الرئيس والرئيس التنفيذي لجمعيّة التحكيم الأميركيّة عرضًا تعريفيًّا حول نطاق عمل تلك الجمعيّة التي مضى على تأسيسها 92 عامًا، وتضمّ 600 موظّفًا، وتُدير إجمالي قضايا سنويّة يتخطّى عددها 1200 قضيّة تحكيم دولي بالإضافة إلى عددٍ كبيرٍ من قضايا التحكيم المحلّيّة. وتعقيبًا على العلاقات الثنائيّة الطويلة الأمد بين غرفة البحرين لتسوية المنازعات وجمعيّة التحكيم الأميركيّة، لفتت جونسون إلى أنّ المميّزات الأساسيّة لغرفة البحرين لتسوية المنازعات قد جعلت منها "جهة موثوق بها منذ إنشائها، تستعين بالخبرات البارزة لمحكَّمين مرموقين وخبراء وساطة من كافّة أنحاء العالم".
وقدّمت جونسون شرحًا لأهمّيّة نظريّة "fitting the forum to the fuss" لأستاذ القانون الراحل بجامعة هارفرد فرانك ساندر، والتي تعني أنّ كلّ نزاع ينبغي أن يتمّ فضّه باستخدام الطريقة الأمثل لتسويته. وأضافت أنّه "لا توجد طريقة لفض النزاعات تشبه التحكيم"، وأنّه دائمًا ما كان يتمّ الاستعانة بمتخصّصين ممّن يمتلكون خبرات واسعة لتسوية المنازعات لمصلحة جميع الأطراف. وأضافت أنّ هذا هو سبب جاذبيّة التحكيم الدولي، مشيرة إلى أنّ "التحكيم الدولي يجمع العالم تمامًا كما تفعل التجارة الدوليّة"، ولكن التحدّي كان في عدم بقاء النزاعات بدون تسوية. وكان من المهم ضمان أنّ كلّ الأطراف المتنازعة لديها إمكانيّة اللجوء لوسيلة يتمّ عبرها تسوية المشاكل القانونيّة بسرعة وكفاءة وبتكاليف معقولة. وختمت جونسون بالقول بأنّه يجب على مجتمعَي الأعمال والقانون في البحرين الشعور بالفخر لوجود هذا التنوّع من الأشخاص واسعي الاطّلاع والمرموقين المنتمين للمجتمع العالمي للتحكيم الدولي ضمن غرفة البحرين لتسوية المنازعات ممّا يجعلها "مؤسّسة رائدة لقضايا التحكيم الدولي".
تاليًا تحدّث السيد أدريان وينستانلي عن الإضافات في قواعد التحكيم الجديدة لغرفة البحرين لتسوية المنازعات والتي هدفت بالتحديد إلى تقليل التأخير، ومنع أو معاقبة عرقلة الإجراءات وبالتالي وضع التكاليف تحت السيطرة. ولفت وينستانلي إلى أنّه في كل قضايا التحكيم التي تمرّ بكل المراحل منذ طلب التحكيم وحتّى صدور الأحكام، حتى في العديد من القضايا التي لا تصل لمرحلة صدور الأحكام، فإنّ أتعاب المحامين المرتبطة بالتحكيم تستحوذ بشكل كبير على النسبة الأكبر من إجمالي تكاليف التحكيم، وتأتي رسوم هيئة التحكيم بالمركز الثاني وأقل من الرسوم القانونيّة بكثير في حين أنّ الرسوم التي تتقاضاها مراكز التحكيم هي الأقلّ والأكثر تواضعًا مقارنةً بالرسوم الأخرى في هذا المجال.
وحول الإجراءات المعجّلة في قواعد التحكيم الجديدة لغرفة البحرين لتسوية المنازعات، أشار وينستانلي إلى أنّه إذا كانت قيمة النزاع منخفضة فقد يُحجم المدّعي عن تقديم طلب تحكيم، ومؤدّى ذلك حرمانه من حقّ اللجوء إلى العدالة، وذلك بسبب الخوف من طول إجراءات التحكيم وارتفاع تكاليفها. ويمكن لهذا التخوّف أن يكون تأثيره أكبر إذا كان بند التحكيم ينصّ على هيئة تحكيم مؤلّفة من ثلاثة أعضاء. في حين تسمح المادّة 6 من قواعد غرفة البحرين لتسوية المنازعات باعتماد الإجراءات المعجّلة للسير في الدعاوى إذا كانت القيمة الكلّيّة المتنازع عليها لا تتجاوز مبلغ مليون دولار أميركي، أو إذا اتّفقت الأطراف المتنازعة كتابةً على اعتماد الإجراءات المعجّلة بغضّ النظر عن القيمة المتنازع عليها.
ومن المزايا الرئيسة للإجراءات المعجّلة هي أنّ طلب التحكيم يتضمّن كذلك لائحة الدعوى، وأنّ الردّ على طلب التحكيم يتضمّن كذلك مذكّرة دفاع وأيّ لائحة دعوى متقابلة، بالإضافة إلى إلزاميّة تعيين محكَّم فرد حتّى إن وُجد اتّفاق مخالف بين الأطراف ينصّ على وجود ثلاثة محكَّمين، ويجب إصدار الحكم النهائي في مدّة لا تتعدّى 30 يومًا من بعد إقفال المرافعات.
ومن الإضافات الأخرى في قواعد غرفة البحرين لتسوية المنازعات التي قد توفّر الوقت والتكاليف هو ما ورد في المادّة 18 منها، والتي تُعطي هيئة التحكيم الصلاحيّة لإصدار أمر أو حكم للفصل بصورة مختصرة في أيّ مسألة مؤثّرة في نتيجة التحكيم وترى هيئة التحكيم أنّه يُمكن الفصل بها بشكل مختصر.
وتوفّر المادّة 18 من قواعد غرفة البحرين لتسوية المنازعات حلولًا، من خلال التحكيم، مشابهة لتلك التي كانت تقليديًّا متاحة من خلال الدعاوى العاديّة أمام المحاكم في عدد من الدول ومن ضمنها محاكم الولايات المتّحدة الأميركيّة (من خلال المادّة (1)56 من القواعد الفيدراليّة الأميركيّة لأصول المحاكمات) وإنجلترا وويلز (من خلال المادّة 2-24 من أصول المحاكمات المدنيّة الإنجليزيّة).
وبموجب المادّة 18، فإنّه من مسؤوليّة مقدّم الطلب أن يبيّن "المسألة أو المسائل التي يزعم أنّها صالحة للفصل فيها بطريقة مختصرة، مع تحديد الأُسس التي بُني عليها هذا الزعم"، ولذلك فإن المادّة 18 واسعة ومرنة لأنّها تنطبق على أيّ مسألة "قانونيّة أو واقعيّة" يراها مقدّم الطلب أنّها مؤثّرة في نتيجة التحكيم. ولفت وينستانلي إلى أنّ ذلك يوفّر كفاءة في حلّ المسائل التي قد "لا تحتاج أن تبقى جزءًا من الدعوى"، كما أنّها ستُسرّع في التخلّص من الحجج والطلبات غير ذات القيمة.
ولاحظ وينستانلي أنّه في حين يتمّ الترويج للتحكيم كبديل منخفض التكلفة مقارنة بإجراءات التقاضي مع الأخذ بالاعتبار على وجه الخصوص قطعيّة قرار التحكيم، فإنّ التحكيم بات يُعتبر في السنوات الأخيرة مُرتفع التكلفة ويستهلك الكثير من الوقت والجهد، ممّا فرض على مراكز ومؤسّسات التحكيم التركيز بشكل متزايد على توفير الوقت في التحكيم وبالتالي توفير التكاليف أيضًا.
وبموجب قواعد التحكيم السابقة لغرفة البحرين لتسوية المنازعات (التي صدرت عام 2010)، فإنّ رسم قيد التحكيم، في الدعوى أو الدعوى المتقابلة، كان يتمّ احتسابه حسب قيمة المطالبة، ممّا كان يجعله الجزء الأكبر بشكل كبير من الرسوم الإداريّة لغرفة البحرين لتسوية المنازعات، مع وجود نسبة إضافيّة صغيرة نسبيًّا يتمّ سدادها كرسم خدمات الدعوى، ويتمّ احتسابها أيضًا حسب قيمة المطالبات في النزاع. وعلى هذا النحو، فإنّ الرسوم الإداريّة بموجب القواعد السابقة كان لها تأثير "التحصيل المُسبق" على الرسوم الإداريّة للتحكيم، وخصوصًا في القضايا ذات المطالبات المرتفعة. وإذا ما أخذنا بالاعتبار أنّ العديد من قضايا التحكيم يتمّ تسويتها في مرحلة مبكّرة نسبيًّا من إجراءات التقاضي، وأنّ إطلاق عمليّة التحكيم بحدّ ذاتها قد تكون في بعض الأحيان المحفّز والمسرّع للتسوية، فإنّ هذا العبء للتحصيل المبكّر في التكاليف قد يبدو غير متوازن، ممّا قد يجعله سببًا يمنع بعض الأطراف المتنازعة من اللجوء للتحكيم كأحد الخيارات المتاحة لتسوية نزاعاتهم.
ولكن بالمقابل، وبموجب قواعد التحكيم الجديدة لغرفة البحرين لتسوية المنازعات، فإنّ هناك رسومًا ثابتة وغير قابلة للاسترداد لرسم قيد التحكيم تبلغ 3,000 دولار أميركي، ويتمّ تسديدها من قبل المحتكِم الذي تقدّم بطلب التحكيم، بغضّ النظر عن قيمة الدعوى، وتشكّل هذه الرسوم جزءاً من تكاليف التحكيم القابلة للتحصيل ضمن حكم التحكيم. ولا يتمّ تسديد أيّ رسم لقيد التحكيم في أيّ دعوى متقابلة يرفعها المدّعى عليه.
وبعد ذلك، وفي أقرب وقت ممكن بعد تقديم الردّ على طلب التحكيم، يتمّ دفع رسم إدارة التحكيم المحسوب بناءً على قيمة مطالبات المحتكِم وبناءً على قيمة مطالبات المحتكِم ضدّه المتقابلة.
وبالتالي فإنّ قواعد التحكيم الجديدة لغرفة البحرين لتسوية المنازعات قد عكست توازن أفضل بين رسوم قيد التحكيم ورسوم إدارة التحكيم، بشكل مشابه لمعظم مراكز التحكيم الدولي وبالتالي أدّى ذلك إلى تبسيط جدول الرسوم وتسهيل وصول المحتكمين المحتملين إلى خدمات التحكيم التي تقدّمها غرفة البحرين لتسوية المنازعات.
ولم تعد تسمح قواعد التحكيم الجديدة لغرفة البحرين لتسوية المنازعات للأطراف بالتفاوض حول الأتعاب مع المحكَّمين المُرشَّحين. بل يتمّ الاتّفاق على الأتعاب الآن بين غرفة البحرين لتسوية المنازعات والمحكَّمين مباشرةً، ممّا يُعطي سلطة وصلاحيّات أكثر للغرفة في تحديد الأتعاب الملائمة. وبالإضافة إلى ذلك، فرضت الغرفة حدًّا أقصى لبدل أتعاب ساعة المحكَّم وهو 500 دولار أميركي، ويمكن تخطّي هذا الحدّ فقط في أحوال استثنائيّة توافق عليها الغرفة وبعد موافقة جميع الأطراف.
وشارك وينستانلي وجهة النظر الإيجابيّة لجونسون حول التطوّر الذي حقّقته غرفة البحرين لتسوية المنازعات، مضيفًا أنّه بالرغم من أنّه يمكن أن يُفضّل الأطراف المتنازعة اللجوء لمراكز تحكيم عريقة ومعروفة، فإنّ "مؤسّسات التحكيم الشابة والأكثر كفاءةً مثل غرفة البحرين لتسوية المنازعات تقدّم في كثير من الأحيان خدمات توازي أو حتّى تتخطّى جودة وكفاءة الخدمات التي تقدّمها نظيراتها من المؤسّسات الأخرى"، وذلك فيما يتعلّق بالنواحي التي تشمل الموقع والبنية التحتيّة والكفاءة الإداريّة والسرعة وتكاليف التحكيم بالإضافة إلى قواعد التحكيم.
وأكد وينستانلي أنّ قواعد التحكيم الجديدة لغرفة البحرين لتسوية المنازعات "توازي أيّ قواعد تحكيم أخرى، وتتفوّق على الكثير منها. كما أنّها تُعتبر قواعد واضحة وشاملة ومتطوّرة ومواكبة لمتطلّبات العصر واحتياجات الأطراف المتنازعة".
وختم وينستانلي أنّ غرفة البحرين لتسوية المنازعات يجب أن تُعتبر "مرشّحًا جدّيًّا وخصوصًا فيما يتعلّق بالعقود التي لها علاقة بمنطقة الشرق الأوسط، حتّى لو لم يكن مكان النزاع أو مكان التحكيم المختار واقعًا في مملكة البحرين"، مضيفًا أنّ البحرين معروفة ببيئتها الصديقة والمحفّزة للتحكيم، وببنية تحتيّة في مجال الإتصالات من الدرجة الأولى ممّا يجعل الوصول إليها سهلًا بالإضافة إلى وجود محاكم داعمة للتحكيم.
وفي نهاية مأدبة الغداء، وعدت غرفة البحرين لتسوية المنازعات بالاستمرار بالتواصل بانتظام مع مجتمعَيْ الأعمال والقانون في البحرين عبر تنظيم فعّاليّات مماثلة في المستقبل.
صور للفعاليّة